الجمعة، 17 يناير 2020

زِدني ...


زِدني ذُنوبًا .. زِد سوادَ صحيفتي
الذَّنبُ أنتَ، و ما اقترفتُ سِواهُ

زِدني من النّسيانِ، عُد بي للعدَمْ
خُذني لبُعدٍ .. لا ترى أقصاهُ

زِد دائرات الشّكِّ و اقتُل خَشيَتي
فقِناعُ حُبِّكَ أخشى ما أخشاهُ

أغمضتَ عنّي ناظِرَيَّ و قُلتَ لي
"آتيني قلبكِ، هاتِ ما أخفاهُ"

قلبي تعلّق مثل طيرٍ وَكْرهُ
من طوبِ جنّاتِ النّعيمِ بَناهُ

ثُمّ اعتنقتُكَ مِلةً .. و ديانةً
و ظننتُ أنّ القلبَ نالَ رِضاهُ

قد قُلتَ لي "سنكونُ أجمل قصةٍ"
لا شيء مما قلتَهُ عِشناهُ!

و نصبتُ متنيَ مِنبرًا تعلو بهِ
عوّجتَهُ.. و نكرتَ ما سوّاهُ

أغوَيتني، و رسمتَ لي خَطوي على
نهجِ الذين استأوَروا و تباهوا

قد كُنتَ مُحتالًا، ولكن يا تُرى
هل يَجرؤُ الغاوي اتّباع هواهُ؟

بل كُنتَ أهلًا للغِوايةِ حيثما
ولَّيتَ وجهكَ بانَ عنهُ هُداهُ



*****



أبخستَ بي و بكلّ شيءٍ بيننا
ما كانَ بالإمكانِ أن تنساهُ!

قد خُنتَ ميثاقًا غليظًا بيننا
ما كان لي شيئًا أصونُ سِواهُ

و دفنتَهُ بعد اغتيالهِ خِلسةً
ما زلتُ منذُ فَجيعَتني أنعاهُ!

و جعلتني صمّاءَ تشبهني الدُّمى
تشكُ الفراغَ لها لِكَي تملاهُ!

و بحبلكَ المسمومِ تُحكِمُ قَيدَها
إن شئتَ تُفلتُهُ، إن شئتَ تنصاهُ

و رسمتَ لي عارًا تُهدّدُني بهِ
لا شيءَ عندَكَ لي، فما أخشاهُ؟

من ذا الذي أغواكَ؟ لا تسأل لِمَ؟
لي عِنْدَهُ ثأرٌ .. غدًا يلقاهُ

قُل لي مَنِ الـ أغواكَ يا سنَدي و من
 كسّرتَ ظهريَ كي تنول رِضاهُ؟



*****



ضرّاؤنا تطغى على سرّائِنا
فالحُبُّ ذو مُرٍّ .. يفوقُ حَلاهُ!

قد ضاقَ فينا الأمرُ  حتّى استحكمت
حلقاتهُ ..  حتّى انتهى معناهُ!

آهٍ.. فآهٍ.. ثُمّ آهٍ .. ثُمّ آهْ
إذ لا يُداوي الآه.. إلّا الآهُ

أوّاهُ من حُبّي، اشتياقي، لهفتي
إن غبتَ عنِّي ساعةً أوّاهُ!

أحرقتني، شوّهت جُلَّ ملامحي
قلبي أحَبَّ جهنّمًا تصلاهُ!

و اليومَ لا نارٌ تقيدُ شموعنا
و النّورُ في عَينيَّ، مَن أطفاهُ؟

النورُ في قلبي.. أنا أطفأتُهُ
لمّا جعلتك قائِدًا تنصاهُ

دعني أعودُ إليَّ .. كم أشتاقُني
دعني فقد ملّ الفؤادُ دُجاهُ



*****



صَلَّيْتَ مُستسقٍ دموعيَ بعدما
جفّفتَ ماءَ العينِ.. كُنتَ سناهُ!

صوّبتَ خيبات التفاؤلِ أسهُمًا
نحوَ الفؤادِ فـقُلتَ "ما أبكاهُ؟

قد كانَ ذا بأسٍ شديدٍ جامحٍ
ما بالهُ صارت تخورُ قُواهُ؟"

سَل ماء وجهكَ، كيف تسألني أنا؟
من ذا أصابَ القلب؟ من أدماهُ؟!

لا تتّهمني بعدها باليأسِ يا
سفّاحُ قلبيَ يا خبيثُ صِباهُ

لا يستوي القَتّالُ إذ قارنتهُ
إلّا بما -جهلًاجنتهُ يداهُ

تبّتْ يداكَ و تبَّ ميثاقي معَكْ!
بل تبَّ قلبي يومَ كُنتَ مُناهُ

ما عادَ بي أملٌ ولا يأسٌ فهل
قد مسّني جانٌ؟ هلِ النُّواحُ أذاهُ؟



*****


شيّعتَ جثماني إلى أُمّي و ما
صُنتَ المودّةَ.. ما أقمتَ عزاهُ!

لم تبكِ عينكَ لي بدمعٍ واحدٍ
أبكَيتني طرَبًا بصوتِ غِناهُ

ألقيتَ -عند البابِبي و تركتني
مثل الرضيع الـ والدَاهُ رماهُ

كيف استطعت؟ و أنت من علّمتني
دين المحبّةِ.. أنت من سوّاهُ!

ما كُلّ ما يبغي الفؤاد ينولهُ
ما صابَ قلبيَ إلّا ما يخشاهُ!

قد كُنّا في التاريخِ سطرًا زائفًا
ما أخطأ التاريخ حين محاهُ


*****



المستقيمُ تأطّرَت أقدامهُ
حتّى الأمام.. إلى الوراءِ خُطاهُ!

ما عِدتُ أسطيع الإياب فكيفَ لي
أن أستعيد إلى الفؤادِ بَلاهُ؟َ

جفّفتُ شُطآنَ الوِصالِ جميعها
زُر بَحرَ شِعريَ إن أردتَ هِجاهُ

لا ضَيرَ أن تغفو السعادةَ لحظةً
فطريقُنا قد تستقيمُ خُطاهُ

لكنهُ والله ثِقلٌ موجعٌ
إذ تاهَ قلبي عَنْهُ ما يهواهُ

ضيقٌ و يأسٌ و اصطبارٌ مُهلكٌ
ما كُلّ هذا الموت.. يا اللهُ؟

الفرحُ ميقاتٌ بأمرٍ آجلٍ
أفهَل يفيءُ.. و حزننا ننساهُ؟

اللهُ لا يرضى انكسارَ عبادهِ
يختصّ في إيجادهم إن تاهوا


*****



ماذا استفدتَ الآنَ؟ قُل لي يا تُرى
يا أيُّها المَنسِيُّ في ذِكراهُ

قُل كيفَ مرّ الوقتُ فينا هكذا؟
أم هل مررنا نحنُ فيهِ بِلاهُ؟

الآن أعلنُ رِدّتي.. بل تَوبتي
قد تاب قلبيَ عنكَ .. رُدّ قضاهُ!

صَلَّيْتُ -في قلبيعليكَ جنازةً
فالبُعد طبّبهُ .. و قد أحياهُ

مدّت أياديها الحياةُ تقولُ لي
لا تصبري.. فالصَّبرُ ما جدواهُ؟

لا تحزني فالحُزن ذو عُمرٍ طويـ
ـلٍ ، حتفهُ -في سَعدِكِيلقاهُ 

فنفضتُ عن قلبي غباركَ كلّهُ
و بدأتُ -بِاسْمِ اللهِأرجو شِفاهُ

مزّقتُ جُزءَ فؤاديَ المُشتاق لَكْ
أرأيتَ قلبي الآنَ ما أحلاهُ؟!

اعذُر فضاضة أحرفي و جلافَتي
لينُ الفؤاد على المصابِ ثناهُ

علّمتُ قلبيَ رَقصةً شرقيةً
ينجو بها و يكِيدُ من عاداهُ


*****


عُدي لي بنُسختيَ القديمةِ.. هاتِها!
فاللِّصُّ -في دينيتُتَبُّ يداهُ

الآن عِش دُنياكَ كيف أردتها
و اتْرُكْ فؤاديَ يسترِدُّ هواهُ

دعني و شأني أسترِدُّ عوالمي
و أُعيدُ تكويني الذي تخشاهُ

أعلنتُ إخفاقي .. مَضَيتُ لهُدنتي
حتّى يعود السَّيلَ في مجراهُ

كي تركدُ الأمواج في شُطآننا
و يعودُ زورقَنا إلى مرساهُ

الآنَ أرفعُ رايَتي البيضاءُ لكْ
هل رايتي البيضاء ما ترضاهُ؟