الخميس، 25 سبتمبر 2014

حنين




لماذا الحُزنُ يا أمّي؟
لماذا حينما نبكي يزيدُ الدّمعُ أوجاعًا على الهمِّ !
لماذا عندما أشكو.. يكونُ الردُّ لا تشكي..
أنا عانيتُ في عُمري كما لو كنتُ لا أبكي

هل تذكُريَ يا أُمي.. قبل أعوامٍ مضت..
تِلكَ الليالي و السّنين
حينما كُنتِ تنامَي دونما أن تشعرين!

قد كنتُ أركضُ خائفة.. نحو الظلام:
"لماذا يا أُمّي مُبكّرَ ترقُدين"

و كُنتِ بعدها تتبسّمين
و تُمسكين بساعدي.. تتنهّدين
و في أُذُنِ الليالي تهمسين:

"هل تذكرين؟
حينما كان الحنين.. يُدعى حنين!"
فيظهرُ صوتيَ وسْط الزِّحام:
"أوليسَ يا أمّي الحنينُ هوَ الحنين؟!"

كانَ يُعجبني بأنّ الجوابَ يأتِ منكِ دونَ أن تتردّدين
حتّى ظننتُ بأنّكِ لا شيءَ في هذي الدُّنا قد تجهلين!

فأجبتِني.. و في عينيكِ شيئًا من حنين:

"كانَ الحنينُ سجيّةً للأقوياءِ المُخلصين
كان الحنينُ كقوّةٍ يُهزم بها المستكبرين
كان الحنين..كحديثِ السماءِ إلى الغمام
"لماذا ما عدتي تُمطرين؟"

كان شعورٌ دائمٌ.. يُساهرُ كلُّ العاشقين
كان حلمٌ صادقٌ.. أمام كلُّ الكاذبين
و ضِياءً . يستنيرُ بهِ العابرين..

أمّا الآن،. ما عادَ الحنين حنين!

صارَ شيئًا في قلوبِ البائسين
صار كالأحلامِ -ماتتْ- في قلوبِ الحالمين!
صار ليلًا كاجتياحٍ في قلوبِ السّاهرين
لم يبقَ في هذا الزّمانُ حبًا يا ابنتي
أوليس ينقصُ الحبَّ الحنين؟!

ضاع الحنين
ضاع ما قبل الحنين
و ضياعهُ جرحٌ مُخلَّد
لن تُلاقي في زمانكِ.. إلّا مظلومٌ مُصفّد
أو فتاةٌ حلمها قسرًا تبدّد 
أو فتًى لم يلقَ من أحبابهِ إلّا التّصدُّد
أو صغيرٌ يُرثي جد
أو رُبّما حُرٌّ تعبّد


ذاكَ الحنين.. صار يأسْ
صارَ سُمًّا مِلءُ كأسْ
كاحتفالٍ في عزاءٍ يومَ عُرسْ !
كالضّحايا في حماسٍ يومَ أمسْ
صار حِقدْ
صارَ كُرهًا للأبد.