الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

عنِ البدايات..





تُعرف البدايات دائمًا بهدوئها -في أغلب القصص التي نسمعها حين تُحكى-.. أمّا النّهايات فغالبًا ما تنتهي بجمال!

سأحدّثكم عن قصّتي..

بداياتي البعيدة كانت سريعة.. أي أنَّ هدوءها أيضًا كان سريع.. لكن هذا لا يُبيح لي نكران جماله.. السّريع أيضًا!

بداياتي كانت مختلفة.. كانت جريئة بكسرها للقواعد..

تتجاذب الأطراف رغم تشابهها.. تخاف الخوف و ترتكب ما تخشى عواقبه متجاهلةً التفكير..

 

التّناقض، هذا الشيء المليء.. باللاشيء!

الذي يُستحب كرهه، و يُكره حُب من يتّصف به..

 

لكنّ بداياتي كانت تتّصف بتناقضٍ يجعلني أحبّها.. كان تناقضها يختال الجمال و يجعلني أُحِسُّه!

كنتُ أشعر به فعلًا.. و في الوقت ذاتهِ كنتُ أُصارعُ داخلي كي أستمتع بغرابة جمالها، وألّا آبه بكُرهي للتناقضِ ذاته..

 

كانت تُقسم بالله أنها تكره الكذب، ثُمَّ تكذب لصالح نفسها..

مُدركةً أنها تكذب.. لكنّها تُدرك أيضًا ألّا سبيلَ للنجاةِ –الآنَ- إلّا في كذبها.. و عليها هُنا أن تُراعي تعبيرها لحظة الكذب

و هذا يتطلّب مجهود مُسبق و تدرُّب على إتقان هذا.. كي تتحقق مصلحة النّفس فيه..

 

كانت تدعو لأهمّية الوقوف أمام كل عقبة حتى تصبح خلفها.. و لا تلتفت، و إعلاء صوت ما تريد على كل صوت..

كانت تُحيي الخيال، و تزيد بيت الأماني اتّساعًا و لا تضع له سقف.. لكنّها كانت تقتله حينما تُحِسُّ بأنّه اقترب على ضفّةٍ سيّئة.. قد لا تكون سيئةً و لكنّها تراها كذلك لمجرّد أنها لا تريدها.. 

 

كانت ترى الأيّام هِبةً لابُدّ أن يُشكر الواهب عليها بأن تُملأ بكل ما يرغمنا على إبقائها ذكرى سعيدة، غير قابلة للنّسيان.. ثُمّ كي تنتهي بنهايةٍ يكون مآلها كمآلِ التّفاصيل.. إلى الذاكرة!

 

كانت متيقّنةً بأن القادم لن يكون إلا كما تريد، و كما تخطط هي له..

كانت تدعو دائمًا ألّا تعبث الأقدار بأمانيها و  يحدث ما لا تريده.. ثُمّ تضطر حينها إلى الإستسلام.. كانت ترعبها هذه الفكره!

لم تكُن قادرة على التّفريق بين ما تريده.. الذي سوف يكاد أن يصل بها الأمر إلى المَوت سعيًا و جهادًا للوصول إليه، و بين الخير الذي قد يكون -بكل بساطةكل شيء سوى ما تريد..

كانت تخشى نهايتها..

 

و انتهت البداية.. بهذهِ السّرعة!

تفاصيلها كانت تُشبه كثيرًا الإختناق الأحمر.. الشعور الذي يأتي على هيئة الموت بعد اليأس من النّجاة.. في نهاية الغرق..

لستُ أدري لماذا بَرَقَ هذا الشعور بعد أن انتهت البداية!

 

عمومًا.. فهذي البداية و انتهت.. أمّا عنِ التفاصيل ما بينها و بين النهاية.. فباهتة.. و لا أحبّذ ذكرها..

لكن من باب السّرد.. كانت مليئة بكل شيئ.. و أظنُّ هذا ليس بالأمرِ الجميل..

كان مُتعِب جدًا.. مُهلِك.. شبيه بالإستسلام للموت بعد يقين وقوع إصبعه عليك في لعبةٍ عشوائية الاختيار..

 

و بالفعل استسلمتُ –مَوتًا- لأشياء كثيرة كنتُ أخطط كثيرًا لكي لا تحدث إيمانًا بأنها الشيئ الذي يُطلق عليه "الخَير" بعد الدعاءِ و الصلاة.. بعد التّعب!

الجميل أنّ الله حواني بالرّضا.. ما زلتُ أعيشُ ما لا أريدهُ.. و لا زال الله يُرضيني.. و يُطلِعني على القليل من الآتي الجميل!

 

في أثناء هذا.. كثيرًا جدا ما كان يباغتني شعورٌ كالإعصارِ في قلبي.. كالصّريرِ المؤلمِ فيه.. كثيرًا ما كانت تعبث المشاعر بقلبي.. و هذا جعلني أُدرك حقيقة معناه..

هو ليس إلّا قلب.. لا يبقى على حالٍ ثابت.. و لابُدّ له أن يوفي لمعناه!

 

هذه المشاعر الكثيرة التي كانت تزدحم فيه -فِيَّ-.. كانت تأتيني في كل لحظة أُصاب بها باستيعابٍ جديدٍ أنني استسلمت.. و أنني أعيش ما لا أريد.. و ألّا سبيل لي سوى كل هذا الشّتات..

كان يؤلمني كثيرًا عمري الذي راح تخطيطًا لأن لا يحدث كل ما يحدث الآن..

كنت أتمنى الموت.. ثُمّ  أستغفر تشبُّثًا بعمريَ الذي أوقن بأنه جميل.. و لكنني لم أعِش هذا الجمال.. و أوقن أن الله أجّلَ رؤيتي له بعد حينٍ..و لسببٍ ما.. لا أدري ما هو.. ولكنّي سأعلم يومًا، و أفرح

 

هُنا.. كان شعور الـ "رُبّما" دائمًا يقين.. 

كنت أشعر أنني كتلةٌ رُشَّت بمُبلّدٍ.. حتّى تشبّعت..

كان كلّ شيءٍ فيني ميت.. لا أدرك سوى ثلاثًا رُبّما..

الأوّل.. أن أرى الكلّ يتلقّف أمري من الآخر و يضفي عليه ما أراد و يعدّل ما يراه يحتاج إلى تعديل.. و يعبثون كثيرًا حتى أصِل إلى الشكل الأحسن –بمقاييسهم-.. و بالطّبع أنا في الهامش

الثّاني.. أنني كنت أُصِرُّ على شعورٍ لم يكُن ظاهرًا لهم و لم يستطِع أحدًا منهم قراءته.. و هو أنّني أشعر بالتّقزز تجاه ما يفعلوه بي دون حِراك منّي ولا كلام..  رغم أنني أدرك أنّي تحت تأثير المُبلِّد!

و الثّالث.. أنني كنت مؤمنةً رغم كلّ هذا الشعور الذي كان يُصارع التبلُّد المُميت.. أنني أعيش الآن ما لا أريد.. حتّى يحدث ما أريد.. ولو بعدَ حين 

كنت أدرك أن ما أريده سيحدث، و لكن بالطّريقة التي لا أريدها، و أدرك استسلامي لهذا، و لِمَ استسلمت..

كنت جسدًا.. و فقط جسد!

 

كنت أخشى بعد هذا أن أعود كما يريدوا أن أكون، كنت أخشى أن تكون بلادتي ذات أثر رجعي عليّ، أخشى أن تهدم كل ما أمضيت عمري لبنائه و لتصحيح كل ما اكتشفت فيني من أخطاء.. كنت أخشى أن أعود من النورِ إلى الضلال!

 

كنتُ وكنتُ.. و لا زلت! 

لكنّي استفدت شيئًا جميلًا من أمي..  كانت كثيرًا ما تُداري ما تبقّى منّي بلُطفٍ عظيم.


الآن تقترب النهاية.. بلا ملامحٍ صريحة، بلا شعور، وبلا أيِّ احتمال..

و أظنني قويّة بما يكفي لمواجهة المفاجآت باللّاشعور..

و رغم قربها الغريب هذا.. لا يسعني فعل شيء سوى أن أفلِتَ الأماني كي تحلّقُ فوقي.. و أترقّب المطر كلّ يوم.. رغم عِلمي بأن الغيوم تُفرّق.. 

 

و إنهاءً لكل هذي الثّرثرة..  سأُطلق أُمنية

بعد أن تجمّعت الأماني يومًا و تراكمت حدّ الاختناق، و تصبّرنا كِلانا بنا، ثمّ أفلتُّها أنا و طارت بين الغيوم..

أمنيتي ألّا تتعلّق هناك.. أتمنّى أن تعودَ لي على هيئةِ مطر.

إليها..
أنا هُنا أنتظركِ..و أستمطر
فعودي إليَّ مطرًا.. ثُمّ إيّاكِ أن تؤذيكِ الرعود.

الخميس، 1 أكتوبر 2015

سِرُّ الحمام..





هل لي بعَيشِكَ؟ فالذين أحبُّهم
عاثوا بقلبي.. أحيَوا الآلامَ

إنّ المحبّةَ فيكَ قلبًا واحِدًا
أجرًا، و أكسبُ -فيهِمُ- الآثامَ

"ليت الذي بيني و بينكَ عامرٌ"
ليت الذي بيني و هُمْ هدّاما

أفنيتُ عُمري كي أنالَ رضاهمُ
حتّى عُميتُ فحطَموا الأحلامَ

و مضت حياتي مثل سرٍّ بيننا
لا زالَ طيرًا أبيضًا كحمامًا

ارفق بهِ يا مُحييِ القلبَ الذي
 قد مات في كلِّ الحياةِ و هامَ

ثُمّ اجمعِ الأحزانَ في حفلِ الصِّبا
و اقرأ عليها.. و انفُثِ الأحلامَ

و اعقد على حلمِ الحياةِ قِرانهُ
و استحضر الأفراح.. عِشهُ هيامًا

إنّ التعقُّلّ في الهيامِ فإننا
إن لم نُهِم بالحُلمِ من ذا هامَ؟

السبت، 8 أغسطس 2015

بكاءُ القلبْ..



بكاءُ القلبِ لا دمعٌ يُعاقِرهُ
و دمعُ العينِ لا قلبٌ يواسيهِ

حديثُ العينِ شمسُ الصبحِ تكتبهُ
و إن مالت .. فلا شيئًا سيُخفيهِ

هُنا روحُ.. هنا نفسٌ ممزّقةٌ
هُنا جسدٌ لِحافُ الموتِ يكسيهِ

غيومُ الإثمِ تعلوني و تحصرُني
و تخنقني بسُمٍّ .. -فِيَّ- تفشيهِ

فمُذ ماتت قصائدنا فلا صُبحٌ
و شيءٌ إن يجيءَ الصّبحُ يُمسيهِ

صباحُ القلبِ مُشتاقًا إلى قلبٍ
يؤانسهُ.. -إذا ما ماتَ- يُحييهِ

يموتُ القلبَ.. بل قد مِتُّ في قلبي
كأنَّ القلبَ مِقبرةٌ لما فيهِ

هُنا إنسٌ.. كلامُ اللهِ تجهلهُ
هُنا قذفٌ بلا طربٍ تُغنّيهِ

كلامُ اللهِ ترسيخٌ بتلقينٍ
ولا عقلٌ -بوعيٍ فيهِ- يُحْيِيهِ

و كلَّ النّاسِ من حَولي مزيّنةٌ
بزِيِّ العُرفِ.. فوقَ الدّينِ تُعليهِ!

مُسلِّمةً لذي العاداتِ جاهلةً
بأنّ العُرفَ للإسلامِ، مُقصيهِ 

هُنا نورٌ.. بقلبٍ.. ملؤُهُ طُهْرٌ
و -باسمِ الدّينِ- ذي الأعرافِ تُطفيهِ

هُنا التّاريخُ يكتبنا.. و يحفظنا
منَ النّسيانِ .. مِمَّن لا يوَفّيهِ !

هُنا أرضٌ.. -بلا أصلٍ- مُفرّعةٌ
هُنا قلبٌ تُساقُ خُطاهُ للتّيهِ!

هُنا الإسلامُ مُغترِبٌ و مُنطويٌ
نكادُ اليومَ بِـ(الإفناءِ) نُسميهِ!

هُنا مَوتٌ يعانقُ كلَّ ذي عقلٍ
و من يطغى بهذي الأرضَ تُطريهِ

يُعانقنا.. شعورُ الموتِ في الدّنيا
و يُحزننا إذا ما فاءَ .. نبكيهِ

فما للنّفسِ أن تختارَ مرتعها
ولا أن تنسى ما في القلبِ تُدفيهِ

لها أن تكتبَ الأفراحَ قاطبةً
جزاءُ الصّبرِ بعدَ الموتِ تجنيهِ


الثلاثاء، 28 يوليو 2015

صَوْتُ النّكَد



سأُخبر قلبي بألّا بُكاءَ
و أهديهِ من دمعِ قلبي رغد

فقد طال صمتٌ و ماتَ الكلام
و قد لامَ صمتي حديثُ السّهَد

فإذ بي أناجي ليالي اشتياقٍ
بلا شوقَ فيني، لمن؟ لا أحد!  

أنا قلتُ للعينِ لا تدمعي
وقد خيلَ لي أنّ دمعي جمد

و لكنّه بعد صبرٍ طويلٍ
تفجّر نبعًا ولا.. ما خمَد!

فيا دمعُ عيني اسمعيني و عِي
"هل الليلُ يسمعُ صوتَ النّكد؟"

هل الليلُ يقوى أنينَ القلوب؟
يواسيهِ سِرًّا "لماذا النّكد؟"



السبت، 25 يوليو 2015

نثريّة: لَيس.. و لكن!




أن تحيا نصف عمركَ خائفًا من مستقبلٍ مجهول!

أن يحيدَ عنك مستقبلك في عزّ خوفك منه عليه..
بل و في نصفِ صلاتك و دُعاك..
و يُسيَّر لك غيره!

أن تموتُ وراءَ ذلك.. ثُمَّ تُجتثّ من موتك كي تُسقى ببعضِ عقاقير الهَرَم..
و تعيش الحياة بعد ميعادِ الحلم.. بِلاه!

أن تتعلّم كلّ شيءٍ -رُبّما- .. إلّا البُكاء!


ليسَ غريبًا أن تكره الشّكوى..
لكن مؤلم أن تُكسر هذه القاعدة، و يُصبح الكُره.. حاجة!

ليس سَيِّئًا أن تُحاط بالمُثبّطين و المُعارضين لك..
ليس غريبًا بعد هذا أن تُخيَّر بين إرضائهم.. مقابل حياتك..
أو رغبتك.. فهلاكك!
ليس سهلًا أن تختار حياتك.. و يبقى قلبك مُعلّقًا برغبتك..
لكن مؤلم أن تسترضي بعد هذا.. ثم تشعر بأنّك أكبر منك!

ثُمَّ ليس صعبًا أن تتفائل و أنت -بينهم- وحيد!
لكن الصّعب أن تتكوّن لديكَ مناعةً ضدّ التّحفيز.. ضد الأمل.. و ضد كل إيجابية!

ليس مُهلِكًا أن تكونَ مصدر قوّة و تفاؤل لأحدهم
لكن المُهلك حقًا أن يكون هو مرمى شِكايتك يومًا!

ليس موجِعًا أن ترفع اليائس بالتفاؤل.. بكل روحك..
لكن الموجع حقًا أن تتبدّل الأدوار.. و تردّ على (رُبَّ خَيرٍ) بِـ (لا أظُن)!

ليس مؤلمًا أن يقول لك أهل الرّحمة.. ألّا رحمةَ بك!
ليس مؤلمًا أن تفنى موضة الكلام الجارح..
لكن المؤلم أنّ جرحه لازال يؤلمك!

ليس عَيبًا أن يُصرّح لك بسُمِّ القَولِ عن قَيدِ العُرف.. و تحجُّرِ العقل..
لكن انفطار القلب.. ألّا خيار لديك بعد الانصياع لذلك.. سِوى الهلاك!

ليس ذنبًا أن ترى مصائبهم تهلّ على رؤوسهم.. ولا تُساعد..
لكن الذّنب أن ترى مصائبًا ليست لك.. تهلّ عليك.. ولا سبيل لِمساعدتك!

ليست خطيئةً أن تكتُب أو تبكي..
لكن الخطيئة أن ترغم نفسك على التّوقف عن الكتابة؛ إيمانًا منكَ بأنّها قد تفضح.. ثمّ لا تبكي!


أن تكثُر الـ "ليس".. و لكن...

الأربعاء، 22 يوليو 2015

عَهدُ الخيال








قالوا شحيبُ الوجهِ.. قلتُ تجاهلوا!
و سألتهم أينَ الطّريق؟

أحتاجُ دربًا يحتوي ثقل المواطئِ، لا يستثقلُ القلبَ الوحيدَ بداخلي
أحتاجُ دربًا فيهِ نور.. أحتاجُ دربًا لا يُئيلُ لهُوتةٍ!
يستقبلُ الإصباحَ في بسماتهِ، و يرى الضّياءَ كنورِ شمسٍ إن يداهمهُ حريق!

أحتاجُ دربًا دونَ أرصفةٍ ولا عثرات
أحتاجُ دربًا خاليًا من كل قيدٍ أو حدود..فأنا أريد الأُفق أوسع
أحتاجُ دربًا خاليًا من كلِّ ما قد يتبعُ العادات.. فاللهُ قد سوّى الأراضي كي يراها النّاسُ أجمع

قالوا بتاتًا، مُطلقًا.. لا نصفَ دربٍ يحتوي هذي الصّفات
لم يخلقُ اللهُ الأراضي كي تُواسي الشاعرات

فأجبتهم: اللهُ لم يخلق لنا أرضٌ لنبقى في شتات
بل إنَّ ربّ الكونِ سوّى مثلهنّ السماوات

و إذا سألتم ربّكم: (ربِّ اسقنا)
أعطاكمُ ما تسألوهُ من اعتصارِ السّماوات

....
و نسيتُ نفسي في جدالٍ باهتٍ
و لوهلةٍ أغرقتني في نصفِ صمتي؛ كي أفيق
و وجدتُني أُغرقت -حقًا- في خيالي.. لا أفيق!

فالحُلوُ في غرقِ الخيالِ هو التّمردُ في الخيال!

أتخيّلُ البنتُ الجميلةُ رغم أنّ الحزنَ فوقَ القلبِ أَثقلُ من جِبال!
و أصوغُ شِعري من خيال
فالشّعرُ فينا مطربٌ للنفس..
 رغم أنّ النفسَ في تيهٍ تداري القولَ كي تحظى ببعضٍ الشّعرِ إن خسِرت متاهاتُ الجِدال!

إنّ الخيالَ هو الحياة.. و العمرُ نبضُ مراحلٍ تُسخلصُ الأطباعُ فيها من معاناةِ الخيال

فالعهد في نفسي لنفسي منذُ هذا اليومُ أن أحيى الخيالَ من الخيالِ إلى الخيال..

فتخيّلوا يا من تحبّونَ الخيال..
و تعاهدوا.. ألّا حياةَ بلا خيال!


الثلاثاء، 21 يوليو 2015

حبٌّ خَفيٌّ




يُقالُ بأنّ لي حبٌّ خَفيٌّ
و لم يُقطع بنصفِ الحُبِّ دربي

يُرى فيني حبيبٌ لا أراهُ
و ما أحببتُ يومًا إلّا ربّي

لأصدُقَكم.. مررتُ على بِلادٍ
بلحظةِ صَفوِ بالٍ "من حبيبي؟"

وجدتُ بها جموعٌ من أُناسٍ
قليلهمُ يفيني عن حبيبِ

و لكن قدّرَ اللهُ اختيارًا
و أوّلهم تصيَّرَ لي "حبيبي"
 
فذُقتُ الحُبَّ حتّى آنَ بينٌ
بقيتُ بوحدتي إبّانَ حُبّي

فليتَ القلبُ يهنى بابتعادٍ
و ليتَ الحبُّ لم يختارَ قلبي

لأنّ الحُبَّ في إجماعِ قلبي
جمالٌ مؤلمٌ من دونِ صَخبِ

جمالُ الحُبِّ في تعذيبِ قلبٍ
تزَيّنَ وسطهُ شَوقًا بثُقبِ

إذا ما كُنتُ مُشتاقًا جفاني
و إن قرّرتُ هَجرًا جاءَ صَوبي

و ماتَ الحُبُّ في قلبي -قَتيلًا- 
ضحيَةُ طولَ بَينٍ ماتَ حُبّي

فلا عَيشٌ لحُبٍّ في حياتي
و لا مأوًى بقلبي للحبيبِ

الأحد، 19 يوليو 2015

سَوف أنتهي بمَوْت





عمرٌ جميلٌ.. مرّ مثل الرّوحِ ملئى بالجِراح
ثمّ أُردِفَ نحوَ موتٍ.. ثمّ راح!

ثمّ ماذا؟ ماذا بعد؟
ماذا بعدَ العُمرِ يبغيهِ الرّواح؟
ماذا بعد الطّيرِ يُنوى.. ثمّ يهوي؟
لا جناح!

ماذا بعد جرِّ حلمٍ فوقَ شوكٍ ينقشُ التّثبيطِ في شكلِ الجِراح؟ ثمّ يتركُ بالجِراحِ نديّةً.. كي تجففها الرّياح!

ماذا ماذا.. ما يُقال؟
ما السُّؤال؟
مالذي يُخفيهِ قاموسُ المُحال؟
ما المُحال؟

نامتِ الأحلامُ بعدَ فِراقِ عُمرٍ ماتَ يجني بعضَ شيءٍ من دلالٍ.. مِن كمال.

قيلَ يومًا رُبَّ نفعٍ.. رُبَّ صَوتْ
قلتُ كلّا.. رُبَّ صمت..
قيلَ راحَ العُمرِ صمت!
قلتُ هاكم.. انظروني ها أنا أحيا بصمت
(عِشتُ كلُّ العمرِ صمت)..

فرحي صمتٌ.. حزني صمتٌ.. موتي صمتْ
(كيفَ في ذا الصّمتِ عِشت؟)

عُمريَ الماضي.. نسيت!
عمريَ الآتي.. مُقيت

سوفَ ينتهي بمَوتْ!
سَوف أنتهي بموت.

الخميس، 2 يوليو 2015

أنتَ نِسيانٌ جميل




و تناثرت بلّورةُ الشّوقِ القديمِ.. تحطّمت
فدنَوْتُ منها -في شتاتٍ- أجمعك

لكنّ ثقل مواطئُ الشّوقِ القديمِ تقودُني أن أتركك
ما عدتُ أقوى حملَ ثقلٍ موجعٍ.. ما أثقلك!

و نسيتُ نفسي في صراعٍ مُهلكٍ.. لن أُهلكك

فأنا كطيفٍ عابرٍ.. معناهُ مُبتذلٌ و يوطؤُ كلّما جاءَ الحنينُ مُباغِتًا.. كي أذكُرك

الشّعر يغفو كلّما قررتُ يومًا أذكرك
حتّى توفّاهُ الإلهْ..
هوَ في الحقيقةِ لم يمُت
لكنّني أحتاجُ أن يغفو طويلًا؛ كي يمرُّ العمرَ حتّى أستطيعُ القولُ أنّي لم أعُد أحتاجُ لك!

فلتنسَني.. و انسى كلامًا لا يُقالُ بأحرُفٍ
و انسى هدوءَ عواصفٍ كانت -ولا زالت- تُسافرُ بيننا
و انسى تشابه ضدّنا.. و خيالنا و سكوتنا

أمّا أنا.. فسأُخبرك
فلترعني -يا دامَ ذِكرُكَ- مسمعك..

أنت نسيانٌ جميلٌ.. إنّما النّسيانُ نِعمة
ما أرى فيكَ حبيبٌ.. إنّ هذا الحُبَّ أعمًى

..
لم يُستباحُ لضَعفِ حاليَ حتّى تنميقُ الخِتام
إذ قيل لي.. أن لستِ مِسكًا للختام!


قد لا أكونُ حقيقةً مسكُ الخِتام
لكنّني أبقى حمام..

مهما يطولُ نزالُ نفسٍ، أو حروبٍ بين بلدانٍ إذا جائت نساءٌ منها بالجيلِ الجديدِ يُدرّسون بلا خرائط!

فحروبُ عصرٍ قد مضى محتِ الحدود.. قتلت جدود.. نقضت عهود

لم يبقَ للأجيال حتّى بعضُ آثارِ الحدود
لم يبقَ للأيّامِ إلّا أن تعيشَ تصبرّا و تعيشَ ذُلًّا.. كي يجيءُ غدًا و تنعمَ في سرايا للخلود..
..

ها قد رميتُ شكايتي.. هل تُعجبك؟
لا يُستباحُ الحبُّ في هذي الظّروف.. ما أثقلك!

نَم و ادعُ لي أن أبقى في حالٍ جميل..
نَم يا أيُّها المَنسيّ -ضُعفًا- أنت نسيانٌ جميل..
نمَ.. لا تخفْ.. فسأدعو لك.

الثلاثاء، 30 يونيو 2015

مَوْتُ حُلمْ






جِسرٌ مليءٌ بالأماني.. فوقَ بحرٍ من هموم
مرّ عامٌ بعد عامٍ بعد عامٍ بعد عام..
ثمّ ضاعَ العُمرِ -كلّ العمرِ- .. تاهت بي خُطاي
طالَ سيري في طريقٍ نحوَ مَوتٍ لا يجيء!
طِرتُ فرحًا.. مِتُّ حُزنًا.. ثمّ لم يبقَ سوى نصفُ الطّريقِ مُعبّدًا..

تعبيدهُ سُلطانُ ذُلِّ للخُطى
كي لا تسير سوى القليل من الطريق
و تُساقُ قسرًا للتعثُّرِ بالحصى
كي تندثر

ماعادَ جسرٌ بالأماني يُعتبَر
الحُلمُ أثقلتِ النفوسُ جمالَهُ.. كي تصطبر
لم يبقَ حُلمًا يُستساغُ جمالهُ
لم يبقَ صبر
فالحُلمُ مات.. و النّفسُ صارت تحتضر.


الجمعة، 15 مايو 2015

صِبا..





صاغَ صبري فيكِ شِعرًا
ليتَ كُلَّ الشِّعرِ فيكِ

مُرشدُ القلبِ اشتياقي
نحوَ تيهٍ يبتغيكِ

ملّتِ الأشواقُ منّي
ملَّ صوتي ينتجيكِ

فتعالي يا فتاتي
لكِ حُضنًا يحتويكِ

تزدَدِ الأرضُ ابتهاجًا
تتباهى مِنكِ فيكِ

كلّما أشتاقُ لَمْحًا
لعيونِ الطِّفلِ فيكِ

يبكي كلَّ القلبِ فرحًا
كلَّ قلبي يفتديكِ

صفوَ روحٍ منكِ يدنو
لبنًا يحلو بفيكِ

يا صِبا عُمري تعالَي
ليسَ شيئًا يعتليكِ

يا صِبا عهدًا جديدًا
مِنكِ يأتي، يزهو فيكِ

كلّما أنهيتُ بيتًا
عزَّ شِعري ينتهيكِ




الخميس، 7 مايو 2015

أحتاجُ لحنًا كي أقولَ قصيدتي




أحتاج لحنًا؛ كي أقولَ قصيدتي!
أحتاج أن أُبدي حديثًا.. كيف يُبدى.. كيف عَلّي أبتديه؟
ما عِدتُ أعرف كيفَ يُنسجُ ما يقال.. طال الكثيرُ من الجِدال، لم يبقَ شيئًا كي يُقال!

الكلُّ يعرفُ كيف يُبدي حديثهُ، إلّا أنا.. يزداد صمتي في الضّجيجِ بداخلي، و يزيدُ حزني!

أبتاعُ من صمتي الحديث.. أجني حروفَ الصّمت، يالَ الصّمت!

الكُلُّ من حولي ترنَّم قولهُ، بسلالةٍ، و بحبكةٍ لُغويّةٍ.. إلّا أنا.. في حضنِ صمتي.. مِتّ!

و بحيلةٍ أترنّمُ الحرفَ اليتيمَ بأنّةٍ.. و بأنّتي أتنغّمُ الحزنُ الوحيدَ بداخلي.. كالهوتةٍ الظّلماء تنبذُ أيُّ نورْ
و تراهُ كالعربيد ليلًا نائمًا في نصفِ دربٍ خاليٍ من كلّ قلبٍ واعيٍ.. و أقولُ في وسطِ الظّلام.. أن هيتَ لك

و يردُ لي صوتُ الظّلامٍ ببحّةٍ و بحبكةٍ: نامَي فهذا النّور راحَ و قد هلَك.. لن يسمعك.. نامي فلن تلقينَ نورًا بعد ما أنَّ الزّمانِ بنصفِ دربي قد رماك.. فتعثُّرُ الأقدارِ في أعتابِ دربي لا يُئيلُ إلى السلوك.. لكنّ شيئًا قد سلك.. نامَي فهذا النور راح.. و قد هلك! 

يزدادُ وهني رغم حُبّي للحروفِ و للقلم، لكنّ حُبّي ليس إلّا تُرجمانًا للألم.. 
أحتاجُ أن أبقى بصمتٍ كي أرتبَ أحرفي.. و أرتبَ الأحزانَ شيئًا.. علّ حزني ينتهي!

و يدومُ صبري، و يدومُ صمتي، و يدومُ حزني.. لا ينتهي!

أحتاجُ أن أكون قصيدةً موزونةً، قد خطّها -في حاجةٍ- و بكلِّ حِرصٍ.. شاعِري!

يا شاعِري.. مُر كلّ شِعرٍ في طريقكَ أن يموت..
فأنا قصيدتكَ الوحيدة.. و أنا بحور الشّعرِ فيك

الشّعر ترتيبُ لنا.. إذ أننا شيئًا صغيرًا عيثَ فيه
فاكتب.. اكتب بكلّ الشِّعرٍ فيك
اكتب بحِرصٍ إنّني إن جاكَ موتٌ في خيالكَ أفتديك

اكتب فإنّي في يقين الموتِ صدقٌ لاحتمالٍ -رُبَّ عَيشٍ- يحتويك.. 
اكتب فإنّي دِرعُ روحٍ بل حياةٍ للّذي يحيى ليُطعمَ مُهلكيك

اكتب الأبيات بيتًا تِلوَ بيت..
اكتب الأبيات بيتًا تلوَ بيت..

كُن قويًا مثل ضرغامٍ يشدُّ الرّوح كي يبني سِوارَ البَيت

و اجعل الأبياتَ رِقّة.. مثلَ رَنْحاتِ النّسيم
قد تعتدي سور المنازلِ دونَ إذنٍ.. لكنِ النّسمات حتى في تعدّيها سلام!

هيَ تعتدي.. لكنّها قوّت سوارَ البيت.

عندما كُنـا صِغارًا..





عندما كُنا صغارًا
لم يكُن كسرًا ليُجبر

عندما صِرنا كبارًا
كلُّ كسرٍ باتَ يكبُر

كلّ كسرٍ تِلوَ كسرٍ
لسنا نلقى من يُكسّر؟

لُوثت نيّاتُ صفوٍ
هل من النّيّاتِ أطهر؟

قيل لي "طفلٌ صغيرٌ"
قلتُ ليتَ الآنَ أكبُر

ليتني ما قلتُ أكبر
ليتني أحيى لأصغر

ليتنا في غيرِ عهدٍ
ليت عبدَ الظُّلمِ حُرِّر

تُرسمُ الأحزانُ فينا
رسمَ فنّانٍ مُصوّر

ليتنا نحظى بفنٍّ
يرسمُ التِّرياقَ أكثر

ثمّ أكثر.. ثمّ أكثر
حتى نحيانا و نطهر